الثلاثاء، 7 مايو 2013

تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة



بحث مُقدم في مادة ( التربية والتعليم للأقليات المسلمة ) من إعداد الطالب: منصور عبدالرحمن الصبحي, إشراف الأستاذ الدكتور الفاضل: عيد الجهني, في مرحلة الدكتوراه بقسم التربية- كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
 
مقدمة

 الإسلام دين عالمي ارتضاه الله تعالى لجميع الخلق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, فهو الدين الوحيد الذي جاءت هدايته شاملةً لجميع مناشط الحياة, ومعالجةً لكل القضايا، ويمكن تطبيق مبادئه في كل زمان ومكان، وهذا ما جعل المسلمين الأوائل ينطلقون في الأرض يفتحون قلوب العباد قبل حصون وأسوار البلاد, فأقبل الناس على الإسلام زرافات ووحداناً لما استشعروا قيمته, وآمنوا برسالته, وأيقنوا بعالميته. ( الأسمري, 1997م, ص232).

 
    والمسلمون في العالم لا يتواجدون في بقعة واحدة, وإنما البعض منهم يعيش في دول لا تدين بالإسلام وبين مجموعات من الشعوب غير الإسلامية, فأصبحوا أقليةً يعيشون حياةً خاصة تربطهم رابطة الإيمان والعقيدة, وهي التي تُحدد نمط حياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم مع بعضهم البعض, ومع من يحيط بهم من غير المسلمين, وتُعاني هذه الأقليات المسلمة في الغالب من مشاكل لا حصر لها سياسية وثقافية واقتصادية وتعليمية، الأمر الذي يعرضهم إلى ألوان متعددة ومعقدة من المشاكل والتحديات التي تُهدد وجودهم وهويتهم وواقعهم الإسلامي. ( السديري, 2005م, العدد13661 من جريدة الرياض).
 
    والمحافظة على هوية الأقلّيات المسلمة وحمايتها من الاغتيال الثقافي جزء من مسؤوليات الأمة الإسلاميّة، والتعليم هو أحد الوسائل المهمة في تزويد أبناء الجاليات المسلمة بالعلوم الإسلامية التي تعلمهم أمور دينهم وتربطهم بجذورهم الإسلامية وتحافظ على هويتهم من الذوبان في الثقافات الأخرى, من أجل ذلك تم إنشاء المراكز الإسلامية في العالم عموماً, وفي الغرب خصوصاً, والتي تعمل على غرس العقيدة الصحيحة في نفوس أبناء المسلمين, وتهيئة الجو المناسب لإقامة العبادات والشعائر الإسلامية، وحماية أبناء المسلمين من الانحراف والجهل بدينهم, وإقامة البرامج التعليمية المناسبة لهم، وإبراز حقيقة الإسلام, وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والمسلمين, وتأكيد وسطية الإسلام واعتدال منهجه وبعده عن الغلو والتطرف، وتقديم الفتاوى الشرعية التي يحتاجها المسلمون في عباداتهم ومعاملاتهم, وتوفير أنواعٍ من الخدمات الاجتماعية المناسبة لهم, قال r: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" رواه مسلم.
 
  والمملكة المتحدة إحدى الأماكن التي يتواجد بها أقلية مسلمة, لكنها تتميز عن كثير من دول أوروبا بتوفر مساحة كبيرة من الحرية الدينية، ويتمتع المسلمون بهذه الميزة ويمارسون حياتهم وعباداتهم بصورة طبيعية, ولا يتعرضون لأية مضايقات إلا في النادر, فالنساء يتجولن في الأسواق والشوارع والجامعات والمدارس بحجابهن, وأصبح المسلمون واعين بحقوقهم ومطالبهم التي لا تتوانى السلطات في تلبيتها لكسب أصواتهم على الأقل في الانتخابات لأنهم أصبح لهم وزنهم, وتُوجد الآن في المستشفيات ترتيبات خاصة لتوفير طبيبات للمسلمات في غرف الولادة, وكذلك تتوفر للدعاة فرصة الحضور ببعض المستشفيات لتوعية المرضى المسلمين وتوزيع القرآن الكريم وبعض الكتب والمنشورات الدعوية عليهم, وعلى من يرغب من غير المسلمين, وشدت هذه المظاهر والممارسات الإسلامية أنظار المجتمع البريطاني وأثرت فيهم تأثيراً بالغاً فأصبح بعضهم يُقبل على الإسلام ويعتنقه بعد قناعة تامة ولله الحمد, غير أن هناك استثناءات من شرذمة قليلة متطرفة من اليهود والمسيحيين وأعضاء الحزب القومي البريطاني المتشدد تُبدي غضبها وتعبر عن اعتراضها عبر وسائل الإعلام المختلفة أو عن طريق الرسائل البريدية والإلكترونية, وخاصة تجاه بعض القضايا التي تقع في العالم الإسلامي وتتعارض مع آرائها ومصالحها.
 
   تشكو الحكومات البريطانية دائماً من عدم اندماج الجاليات المسلمة في المجتمع البريطاني، والجاليات المسلمة لا تندمج مع بعضها البعض وفي حالة نفور دائم, فكيف تندمج مع من يختلف معهم في العقيدة وفي كل شيء, وربما كان لعدم اندماج المسلمين في المجتمع البريطاني وانصهارهم فيه ميزات وايجابيات، أهمها الحفاظ على هويتهم وشخصيتهم الإسلامية وعدم الذوبان في هذه المجتمعات, ولكن لوحظ أن الجيل الثاني من المسلمين الذين وُلدوا وترعرعوا في المملكة المتحدة يختلفون كثيراً عن الآباء، فهم متحدون فيما بينهم واستطاعوا أن يُزيلوا حواجز الأصول العرقية ويتجهوا نحو الأخوة الإسلامية والترابط الإسلامي، وتمكنوا بفضل هذا التعاون من تحقيق إنجازات عدة تتمثل في إنشاء العديد من المراكز والمدارس الإسلامية, وبناء المزيد من المساجد, وتحويل كثير من الكنائس إلى مساجد بعد شراء مبانيها، وأخيراً تمكنوا من إنشاء منظمة إسلامية كبيرة على مستوى البلاد تجمع هذه المنظمات تحت مظلتها وهي المجلس الإسلامي البريطاني (MCB), فأصبح المسلمون واعين بحقوقهم يطالبون بها, ويجتهدون لتحقيقها، ويحاولون بذل الجهود ليكونوا جالية ذات وزن في المجتمع البريطاني من خلال مشاركتهم في كل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ( السديري, 2005م, العدد13661 من جريدة الرياض ).
 
   والمملكة المتحدة تتألف من أربعة أقاليم رئيسية, لكل منها استقلاله التشريعي, هي: "انجلترا, وويلز, واسكتلندا,وإيرلندا الشمالية", ويحدها شمالاً وشرقاً بحر الشمال، ومن الجنوب فرنسا, ومن الغرب جمهورية ايرلندا, وتبلغ مساحتها الإجمالية(244.820) كلم مربع، وإدراكاً من الباحث لأهمية موضوع الأقليات المسلمة في العالم وخصوصاً في مجال التعليم, انبثقت فكرة هذا البحث عن تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة, أسأل الله التوفيق والسداد, وأن ينفع بهذا الجهد المتواضع.
 
مشكلة الدراسة وتساؤلاتها:
إن دعم الأقليات المسلمة والاهتمام بقضاياهم يُعَدُّ ضرورة لتحسين صورة الإسلام في كل مكان عموماً وفي الغرب خصوصاً، لأنهم يُشكلون خط الدفاع الأول عن الإسلام وما يُلصق به من افتراءات, وهم أقدر على تفنيد الشبهات ورد الادعاءات, وعلى تفهم العقلية والنفسية الغربية وكيفية التعامل معها, مع ضرورة أن يكون ذلك الدعم من كافة الجهات سواء أفراداً أو مؤسسات أو دول، فالمسلمين في أوروبا يمكن أن يكونوا رسل خير ودعاة إصلاح وصورةً مشرقة للإسلام والمسلمين لو نالوا قسطًا وافرًا من الرعاية والتعليم، تجعل منهم مثالاً للمسلم الحق الذي يعتز بدينه وعقيدته, وبذلك يستطيعون نقل الإسلام على حقيقته صافيًا نقيًا من أي تشويه لتلك الشعوب البائسة التي ضللتها وسائل الإعلام، فشوهت صورة الإسلام لديهم ونفروا الكثيرين منه.
وبالتالي يمكن أن يتحدد موضوع الدراسة في السؤال الرئيس الآتي: ما حال تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة ؟
 ويتفرع منه الأسئلة التالية:
1.     ما مفهوم الأقلية؟
2.    كيف دخل الإسلام إلى المملكة المتحدة؟
3.    ما آلية النظام التعليمي في المملكة المتحدة؟
4.    ما الصعوبات التي تواجه  تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة؟
5.   ما الحلول المناسبة للتغلب على الصعوبات التي تواجه  تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة؟
أهداف الدراسة :
تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:
1.    التعرف على مفهوم الأقلية.
2.   التعرف على كيفية دخول الإسلام إلى المملكة المتحدة.
3.   توضيح آلية النظام التعليمي في المملكة المتحدة.
4.    تحديد الصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة.
5- استنباط الحلول المناسبة للتغلب على الصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة؟
 
أهمية الدراسة :
تبرز أهمية هذه الدراسة فيما يأتي:
1-  تحاول الدراسة تكوين جانب معرفي عن تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة, وهذه المعرفة لا غنى عنها للمهتمين بأمور الأقليات المسلمة.
2-  قلة الدراسات العربية التي تناولت الموضوع بشكل مفصل وشمولي، وهذا ما تطمح أن تحققه هذه الدراسة.
3-  تحاول هذه الدراسة أن تُركز على تعليم وتربية أبناء الجالية المسلمة في المملكة المتحدة للمحافظة على هويتهم الثقافية.
4- إمكانية الاستفادة من مقترحات ونتائج هذه الدراسة في دعم إخواننا المسلمين في المملكة المتحدة بشكل عملي على مستوى المراكز والأفراد.
 
مصطلحات الدراسة :
الأقلية: "هي مجموعة من سكان دولة أو إقليم أو قطر ما, يختلفون عن غالبية سكان تلك الدولة بخاصية من الخصائص المُتمثلة في العرق أو الثقافة أو الدين، ويحاولون بكل الإمكانيات أن يُحافظوا عليها لكي لا تذوب في مُجتمع الأغلبية".
الأقلية المسلمة: "هي مجموعة من سكان دولة أو إقليم أو قطر ما يختلفون عن غالبية سكان تلك الدولة بخاصية الدين الإسلامي، ويحاولون بكل الإمكانيات أن يحافظوا عليه". (عطية, 1997م, ص232).
 
منهج الدراسة :
نظراً لأن الدراسة معنية بالتعرف على كيفية تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة, فإن الباحث سيستخدم المنهج الوصفي, والذي يُمكن من خلاله جمع البيانات والمعلومات التي تخص الموضوع.
 
الدراسات السابقة :
1-         دراسة محمد جميل خياط, بعنوان: التعليم الإسلامي في أوربا: مشكلاته وطرق معالجتها, انطلاقاً من أن تنشئة الأجيال الصاعدة وتربيتها وفق تعاليم الدين الإسلامي مسؤولية المسلمين في الدول الإسلامية, وهي أيضاً مسؤولية الأقليات الإسلامية في الدول غير المسلمة, والتي يُحتم عليها أن تحافظ على روح الإسلام, وتنشئ أبناءها وفق تعاليمه خاصة بعد فشل المدارس التي تقوم على أسس غير إسلامية في تربية الناشئة والحفاظ عليها من الضياع,  وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج من أهمها: أن تعليم المسلمين في أوربا لا يمكن اعتباره ظاهرة متشابهة في جميع عناصرها إذ هو يختلف من دولة لأخرى, وذلك بحسب نوعية الظروف التي تؤثر فيه, وأن التعليم الإسلامي في مناطق الأقليات المسلمة أصبح من الأمور الصعبة, وذلك بسبب التحديات التي تفرضها البيئة التي تحيط بهم, ومن أهم العقبات التي تعترض طريق تأسيس نظام تعليمي في أوربا عدم ترابط الأقليات المسلمة وتخلي كثير من أفرادها عن القيم الموروثة بسبب ملاحقة الحياة الأوربية, لذا كان من الصعب تأسيس نظام تعليم إسلامي يُلغي كل تلك العوامل إلغاءً تاماً.
 
2-          دراسة سعيد إسماعيل علي, بعنوان: دور المؤسسات التعليمية في رفع المستوى الثقافي للأقلية المسلمة, حيث تناولت الدور الذي ينبغي أن تقوم به المؤسسات التعليمية في رفع المستوى الثقافي للأقلية المسلمة في المجتمعات غير المسلمة, بالإضافة إلى الاحتياجات التربوية لديها, ثم أهم المشكلات التربوية على أساس أن الاحتياجات والمشكلات هي التي تحدد اتجاه الدور ومضمونه, وتوصلت الدراسة إلى نتائج عديدة منها: تختلف المشكلات والاحتياجات التربوية الخاصة بالأقليات المسلمة باختلاف الإطارات الثقافية والحضارية التي يعيش المسلمون في كنفها, وأهمية التكامل بين مؤسسات التعليم المدرسي ومؤسسات التعليم اللامدرسي لسد الاحتياجات التربوية للأقليات المسلمة, وكذلك توفير قاعدة مناسبة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأقليات المسلمة لما لهذه الظروف من أهمية قصوى في رفع المستوى الثقافي.
 
3-          دراسة محمد البشارى, بعنوان الأقليات الإسلامية في أوربا, هدفت الدراسة إلى الوقوف على واقع الأقليات المسلمة في أوروبا, واستعراض أهم المشكلات التي تعترض هذا الواقع في مجالات مختلفة شملت: المجال الديني, والاجتماعي, والاقتصادي, والإعلامي, والثقافي, والسياسي, وأسفرت عن عدد من النتائج كان من أهمها: أن الهجرة الإسلامية في أوربا تحولت من هجرة عابرة إلى هجرة إقامة, واستقرار بل توطين, بعد أن اكتسب أبناء الجيل الثاني والثالث المسلم حق المواطنة الأوربية, وأن الأقليات الإسلامية في أوربا تُعاني من وضعية اجتماعية متواضعة, ومن غياب الوعي السياسي مما يُعيق رسالتها ووظيفتها, كذلك فإن الأقلية المسلمة في حاجة ماسة لحل إشكالية وجودها في أوربا وما يفرضه هذا الوجود من صراع مُستمر بين متطلبات تحقيق الذات وتأكيد الانتماء والحفاظ على الهوية, وفضلا عن ذلك فلا بد من الاهتمام أساسياً بالجوانب التربوية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية للأقلية المسلمة في أوربا.
 التعليق على الدراسات السابقة:
تبيِّن للباحث  من خلال استعراض الدراسات السابقة أمور, منها ما يأتي:
    1.       كشفت الدراسات السابقة ما للبحث في موضوع الأقليات المسلمة من أهمية, لأنهم جزء من الكيان الإسلامي الكبير, مِمَّا أكَّد لدى الباحث الإحساس بأهمية الموضوع.
    2.       اتفاق الدراسة الحالية مع الدراسات السابقة في: "استخدام المنهج الوصفي, ووجود عدد من المشكلات التي تعانيها الأقليات سواء تعليمية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.
    3.       اختلفت الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة في جوانب مهمة منها:
- الهدف من الدراسة الذي تحدد في السؤال الرئيس الآتي: ما حال تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة؟
-  تفردت الدراسة الحالية بإعطاء بعض الحلول للمشكلات التي تواجه الأقليات المسلمة في المملكة المتحدة.
 
مباحث الدراسة :
 اشتملت الدراسة على المباحث التالية:
المبحث الأول: مفهوم الأقلية.
المبحث الثاني: كيفية دخول الإسلام إلى المملكة المتحدة.
المبحث الثالث: آلية النظام التعليمي في المملكة المتحدة.
المبحث الرابع: الصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة.
المبحث الخامس: الحلول المناسبة للتغلب على الصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة.
المبحث الأول: مفهوم الأقلية.
 
 إن مفهوم الأقلية مفهوم أجنبي، لم يُعرف في الإسلام, وقد استخدمتها الدول الاستعمارية كسلاح فعَال للتدخل في شؤون الدول والشعوب الأخرى، ومحاولة تمزيقها, حتى يسهل استعمارها والهيمنة عليها، ومنعها من النهضة والتقدم, وعند الوقوف على مفهوم الأقلية نجد أن تعريفاته تختلف بحسب بؤرة الاهتمام التي ينطلق منها التعريف، والسياق الذي يندرج فيه، والوظيفة التي يراد له أن يقوم بها, وفيما يلي توضيح للمعنى اللغوي والاصطلاحي للأقلية:
أولاً: المعنى اللغوي للأقلية:
ترجع لفظة أقلية لغةً: إلى مادة قلل, وبالرجوع لهذه المادة في المعاجم نجد أنها تنتظم ثلاثة معان:
-فمنها معنى القِلْة التي هي ضد الكثرة, قال تعالى:  ( وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ  ) الأعراف الآية (86), قال ابن منظور: " القِلْة خلاف الكثرة "
 -ومنها ذهاب البركة قال أبو عبيد في تفسير قول ابن مسعود: "الربا وإن كثر فهو إلى قُل" قال: هو وإن كثر فليست له بركة", ص92, وكذلك قال الزمخشري, ص222: "القُل والقِلة كالذُّل والذِّلة, يعني: أنه ممحوق البركة ".
 ومنها الضعة والدونية: قال في لسان العرب, ص564: " القُل من الرجال: الخسيس".
 
ثانياً: المعنى الاصطلاحي للأقلية:
 إن الاتجاهات المعاصرة في بيان مفهوم الأقلية وتعريفها تكاد تعود إلى المعاني اللغوية، فمفهوم الأقلية له فيها ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: ينظر إلى العدد, وبناءً عليه يُنظر إلى الأقلية على أنها الأقل عدداً بالنسبة للجماعة الأخرى الأكثر عدداً, وانطلاقاً من ذلك تُعرف الأقلية أنها: "جماعة تقل عدداً عن بقية سكان الدولة، ويكون أعضاؤها من مواطنيها، ولهم خصائص إثنية، أو دينية، أو لغوية، مختلفة عن تلك الخاصة ببقية السكان، كما أن لديهم الرغبة في المحافظة على تقاليدهم الثقافية والدينية". ( مبروك,2003م,ص65 ).
الاتجاه الثاني: ينظر إلى المكانة والرفعة والوجاهة, وبناءً عليه ينظر للأقلية على أنها الجماعة المُستضعفة مهضومة الحقوق التي يُنظر إليها نظرة دونية, وانطلاقاً من ذلك عرفت "الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية" الأقلية بأنها: "جماعة من الأفراد الذين يتميزون عن بقية أفراد المجتمع عِرقياً أو قومياً أو دينياً أو لغوياً, وهم يعانون من نقص نسبي في القوة، ومن ثم يخضعون لبعض أنواع الاستعباد والاضطهاد والمعاملة التمييزية". ( العسكري,2005م,ص176).
الاتجاه الثالث: ينظر إلى الاختلاف والتمايز الذي يميز الأقلية عن بقية مكونات المجتمع, وانطلاقاً من ذلك تُعرف الأقلية بأنها: " مجموعة من الأفراد يعيشون في قطر ما أو منطقة، وينتمون إلى أصل، أو دين، أو لغة، أو عادات خاصة، وتُوحدهم هوية قائمة على واحدة أو أكثر من هذه الخصائص,  وفي تضامنهم معاً يعملون على المحافظة على تقاليدهم، والتمسك بطريقة عبادتهم، والتأكيد على تعليم ونشأة أولادهم طِبقاً لروح هذه التقاليد، مقدمين المساعدة لبعضهم البعض". ( مبروك,2003م,ص65 ).
 
   أما الأقلية المسلمة فإنها تعني: "مجموعة من المسلمين يعيشون تحت سلطان دولة غير مسلمة في وسط أغلبية غير مسلمة"( العسكري,2005م,ص176), أي أنهم يعيشون في مجتمع لا يكون فيه الإسلام الدين السائد أو الثقافة الغالبة، ومن ثم لا يحظى فيه الإسلام بمؤثرات إيجابية تساعد على ازدهار مُثلِه ومبادئه، وقد يعاني المسلمون في حالات كثيرة من جهود ترمي إلى علمنتهم وإبعادهم عن قِيمهم الدينية، ودمجهم في ثقافة المجتمع الغالبة. "ويبلغ عدد الأقليات المسلمة حوالي (450) مليون مسلم، يتوزعون على قارات العالم الست، أي ما يقرب من ثلث عدد المسلمين". ( محمود  ودرويش,2010م,ص298).
 
المبحث الثاني: كيفية دخول الإسلام إلى المملكة المتحدة
 
   يُعَدُّالإسلام ثاني أكبر ديانة في المملكة المتحدة، إذ يصل عدد المسلمين فيها إلى أكثر من "مليوني" شخص "أي ما يعادل 3.3% من إجمالي السكان", .ويتركز معظمهم في لندن، ومانشستر, إذ يسكن لندن ما يقارب 43% منهم, وأغلب المسلمين في المملكةالمتحدة هم مهاجرين أو من أصول تعود لشبه القارة الهندية، ومن بعدها الشرق الأوسط, وشمال أفريقيا, ومن ثم دول أخرى مثل ماليزيا ونيجيريا, كما يوجد عدد متزايد من البريطانيين يعتنقون الإسلام سنوياً, فقد كتبت صحيفة "إندبندنت في يناير 2011م": إن العدد الحقيقي للبريطانيين المعتنقين الإسلام يُمكن أن يكون أعلى من "مائة ألف" وذلك نقلاً عن دراسة جديدة لمجموعة "فيث ماترز" الفكرية. كما قدرت الدراسة ذاتها عدد المعتنقين للإسلام سنوياً إلى أكثر من 5000 حالة. ( الموسوعة الحرة, 2009م).
 
   أما عن عملية دخول الإسلام إلى المملكة المتحدة فقد كانت لبريطانيا صلة بالحروب الصليبية في بلاد المشرق العربي, وهكذا بدأ أول احتكاكهم بالمسلمين, ولكن الاتصال الفعلي جاء في العصر الحديث حيث كانت الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية تحتل أراضي العديد من الشعوب الإسلامية, وكان طبيعياً أن يُهاجر بعض المسلمين من المستعمرات البريطانية إلى المملكة المتحدة, ومن أوائل هذه الهجرات جماعات من عدن عملوا في المِهن البحرية, فوصل بريطانيا عدد منهم في سنة ( 1287 هـ ), واستقرت الهجرة في مدينة "كارديف", ومازال أحفادهم على عقيدتهم, ثم أتت هجرات من مسلمي الهند, وأسسوا أقدم جمعية إسلامية في بريطانيا في سنة ( 1304 هـ ), ثم توالت هجرات أخرى من المناطق الإسلامية التي احتلتها بريطانيا, فأتت هجرات من قبرص, ومن مسلمي شمال وشرقي إفريقيا, وزاد عدد المسلمين في بريطانيا  في أعقاب الحرب العالمية الأولى, وكان عددهم قبل الحرب العالمية الأولى حوالي "خمسين ألف" مسلم. ( بكر, د. ت, ص23 ).
 
  ثم قدِمت هجرات إسلامية بعد الحرب العالمية الثانية من يوغسلافيا, ومن ألبانيا, وبلاد شرقي أوروبا, ومن الهند, والباكستان, ومن البلدان الأفريقية, فوصل عدد المسلمين في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى أكثر من "مائة ألف" مسلم, وعندما ازدادت حاجة بريطانيا للأيدي العاملة ازدادت هجرة العمال المسلمين إليها, فوصلتها أفواج عديدة من المهاجرين من البلدان الإسلامية, وبلدان الأقليات المسلمة, وعندما تضخمت الهجرة إليها, أصدرت عدة قوانين للحد من أعداد المهاجرين, فصدرت عدة قوانين متتالية في سنة (1385هـ), وفي سنة (1388هـ), وفي سنة (1397هـ).
 
  ولقد شارك في وجود المسلمين وزيادة أعدادهم في بريطانيا كثرة عدد الطلاب المسلمين الذين يدرسون فيها, ويُقدر عدد المسلمين بها حالياً بأكثر من "مليونيْ" مسلم معظمهم من جاليات باكستانية وهندية, ومن ماليزيا, ومن بلدان شرقي إفريقيا, ومن اليمنيين  وباقي البلدان العربية, ومن غربي إفريقيا وجزر البحر الكاريبي ومن مسلمي شرقي أوروبا, ونصف هذا العدد من المسلمين حصل على الجنسية البريطانية, وهناك عدد من المسلمين البريطانيين أكثر من (3500) مسلم, وتمثل الجالية المسلمة حوالي 3,3% من سكان بريطانيا, أي أنهم (5) أضعاف اليهود في بريطانيا.  
 
   وعلى الرغم من ضخامة عدد المسلمين في بريطانيا فإنهم يعيشون في تكتلات وانقسامات طائفية، تُفضل الانتماء إلى تلك الخلفيات بدلا من الانضواء مُوحدةً تحت لواء الإسلام، الأمر الذي سبب عائقاً كبيراً دون توحدهم, ومن ثم مدعاة للسلطات المحلية بعدم العناية بحاجاتهم ومطالبهم، ولذلك فالغالبية من جملة الجاليات المسلمة يعيشون مُهملين في فقر ومستوى متدنٍ من التعليم مقارنة بالجاليات والعرقيات الأخرى.
          

   أما أماكن توزيع المسلمين في المملكة المتحدة فتشير التقديرات إلى انتشار المسلمين في مناطق ومدن عديدة من المملكة المتحدة, ففي لندن ومقاطعاتها أكبر تجمع للأقلية المسلمة حيث يبلغون حوالي  (مليون) مسلم, وأكثر من (150) ألف في برمنجهام, وفي اسكتلندا وحدها أكثر من (40) ألف مسلم, ومعظم المسلمين يعملون في القطاعات الصناعية مثل صناعة الغزل, والصناعات المعدنية, وهناك فئة قليلة تعمل في التجارة, كما يوجد عدة آلاف من الأطباء المسلمين, وحوالي(17) ألفاً في التعليم, وحوالي (25) ألفاً من المهندسين والعلماء. (محمدين,1986م,ص90).

 
المبحث الثالث: آلية النظام التعليمي في المملكة المتحدة
    تُعَدُّ المملكة المتحدة إحدى أبرز الدول الصناعية المتطورة، وهي واحدة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة, كما أنها عضو مؤسس لحلف شمال الأطلسي (Nato), وتتمتع المملكة المتحدة بنظام ملكي دستوري, وأما السلطة التشريعية فتتكون من مجلسين:
-      العموم ويبلغ عدد أعضائه (646) عضواً ويُنتخب بالاقتراع المباشر،
-      واللوردات ويبلغ عدد أعضائه (750) عضواً, ويُسمى بعض أعضائه بالتعيين، بينما يصل البعض الآخر إلى العضوية بالوراثة.
  وتشغل الملكة موقع رئاسة الدولة من الناحية الرسمية، بينما يشغل رئيس الوزراء الذي ينتمي إلى الحزب الحاكم موقع السلطة التنفيذية.
 
    أما البدايات الأولى للتعليم في المملكة المتحدة فترجع إلى العصور الوسطى، كما تُشير الوثائق التاريخية الرسمية هناك، وقد بدأ رسمياً عام (597)م على يد القديس "أوغسطين"، وفي ذلك العصر تولت الكنيسة مهمة تمويل التعليم الرسمي، واستمرت في مهماتها التمويلية هذه لمدة عشرة قرون تقريباً  ويقول مؤرخو التعليم في المملكة المتحدة: إن المنصرين أقاموا ـ آنذاك ـ نوعين من المدارس هما: "المدارس الثانوية العلمية، ومدارس الغناء"، واقتصر الالتحاق بهما على الذكور دون الإناث اللاتي بقين داخل بيوتهن يتدربن على الشؤون المنزلية, وركز التعليم في النوع الأول من هذه المدارس على اللغة اللاتينية، باعتبارها لغة العلم في جميع أنحاء أوروبا في ذلك الوقت، بينما عول النوع الثاني من المدارس على تدريب الذكور على الغناء والأناشيد والترانيم بغرض إعدادهم للمشاركة في مجموعات المنشدين داخل الكنيسة، ومساعدة القساوسة في خدماتهم الدينية. ( وزارة التربية في المملكة المتحدة, 2012م, سياسة التعليم في المملكة المتحدة, استرجعت من موقع:http://www.education.gov.uk    ).
 
     وفي نهاية القرن السابع الميلادي، عمدت بعض المدارس الثانوية العلمية, مثل مدرسة مدينة "يورك" الشهيرة إلى تدريس مناهج التعليم العام في القرون الوسطى، وبعد ذلك أنشأ المعلمون المتميزون مدارس جديدة في مدينتي (أكسفورد) و(كمبردج) في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي,  وشكلت هاتان المدرستان نواتين للجامعتين الشهيرتين والوحيدتين في المملكة المتحدة طوال ستة قرون تقريباً، إلى أن ظهرت بجانبهما جامعتا "درم" و "لندن"في القرن التاسع عشر، وكان تأسيس الجامعات دافعاً وحافزاً قوياً للمدارس الثانوية العلمية لتعد وتُهيئ طلابها للالتحاق بالجامعات, وشهدت هذه البدايات المبكرة للتعليم في العصور الوسطى إحجاماً وعزوفاً من أبناء الطبقتين الوسطى والدنيا عن الدراسة والتعليم في هذه المدارس، وأقبل عليها بعض أبناء النبلاء والطبقة العليا. ( محمود, ودرويش,2010م,ص298).
 
   وفي المملكة المتحدة يوجد ثلاث مستويات للسياسة التعليمية  وهي:
المستوى الأول: الحكومة المركزية: وهي التي تقوم بوضع الغايات ورسم الخطوط العريضة لسياسة التعليم وهي مسئولة عن تأمين التشريع اللازم, وإصدار السياسات التعليمية, وتخصيص الموارد المالية للمدارس, والإشراف على السلطات المحلية.
المستوى الثاني: السلطات التعليمية المحلية والتي تقوم بالإشراف على التعليم, وإدارة المدارس, وتوظيف الموظفين, وتخصيص الميزانيات.
المستوى الثالث: المدارس: وتقوم بتحديد سياسة المدرسة, واختيار المناهج والكتب الدراسية, وطُرق التدريس وغيرها.
 
  وتختلف أنظمة تعليم المملكة المتحدة بين المناطق الأربع التي تكوِّنها: وهي "إنجلترا, وإيرلندا الشمالية, واسكتلندا, وويلز"، من حيث التاريخ والثقافة, وإن كانت متشابهة في التركيب العام, وتنقسم مراحل التعليم في بريطانيا إلى ثلاث مراحل: "التعليم الابتدائي, والتعليم الثانوي, والتعليم العالي والإضافي", ونظام التعليم الكامل والمنتظم إجبارياً من سن الخامسة وحتى سن السادسة عشرة, وهو مُتاح مجاناً في المدارس الحكومية، ومتوافر للجميع بغض النظر عن الجنس, واللون, والطبقة الاجتماعية, والدين.
 
   ويبدأ الطفل في تلقي تعليم نظامي قبل الالتحاق بالمدرسة الإلزامية، يشتمل على برامج في اللهو والترويح، وتعليم مهارات محددة خصوصاً في القراءة والكتابة والحساب، وهذا النوع من التعليم خاص بمن هم دون الخامسة، وبعدها يبدأ التعليم الإلزامي للصغار من عمر خمس سنوات وحتى السادسة عشر، وتقف المرحلة الابتدائية في أولى عتبات الدراسة، وتمتد لمدة خمس سنوات، أي من سن الخامسة وحتى الحادية عشرة، ويتعلم الطالب في هذه المرحلة لغة بلاده والرياضيات والعلوم العامة, أما التعليم في المدارس الثانوية، فيبدأ مع سن الحادية عشرة ويستمر لمدة ست سنوات أي حتى سن السادسة عشر، ويخضع الطالب في هذه المرحلة إلى دراسة المنهج الوطني والمقررات التي تضعها وزارة التعليم أو وزارات المقاطعات, وقد تُلحق بها مرحلة للفئة العمرية من (16 إلى 18 سنة) وتسمى (A-Level), أو تُفصل في كلية قائمة بذاتها، وهي مرحلة التعليم والتدريب بعد الإلزامي، ويُتاح أمام طلابها مجال الاختيار بين مدى المؤهلات الأكاديمية والمهنية.
    
   وتُوجد بجانب مدارس التعليم الحكومي الإلزامي، المدارس الأهلية أو الخاصة، والمدارس الحكومية للتعليم الخاص، وتعنى بالمعوقين جسدياً وعقلياً, وتنقسم إلى: "اعتيادية (نهارية), وداخلية"، كما توجد المدارس المستقلة, وتنقسم بدورها إلى ثلاث مراحل: الروضة  ومدتها عامان من سن خمس سنوات، تليها المرحلة التحضيرية ومدتها أربعة أو ستة أعوام، ثم المدرسة العامة لمدة أربع أو ست سنوات، وهي إما داخلية وإما نهارية، وتُدرس منهجاً تقليدياً شاملاً، وعلاوة على ذلك توجد مدارس ما قبل التعليم الجامعي، وهي دولية وتُدرس مقررات تعليمية واسعة تراعي الناحية الدولية. وتوجد أيضاً مدارس إسلامية ترتكز مقرراتها على المبادئ والتعاليم الإسلامية, مثل أكاديمية الملك فهد التعليمية.
 
    يمتد العام الدراسي من "أغسطس/سبتمبر وحتى يونيو/يوليو"، وذلك وفقاً للمنطقة التي تتواجد فيها المدرسة، وينبغي أن تفتح المدرسة أبوابها لمدة (190) يوماً في السنة، وتعمل المدارس عادة خمسة أيام أسبوعياً (من الاثنين حتى الجمعة) ويُقدر أقل معدل للساعات في إنجلترا وويلز بـ (21) ساعة للأطفال من سن (5-7) سنوات، (23.5) ساعة من سن (8-11) سنة، (24) ساعة من سن (12-16) سنة، ويبدأ اليوم الدراسي من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الثالثة أو الرابعة بعد الظهر ويختلف زمن الحصة الدراسية من مدرسة لأخرى.
 
  تتصف النُظم التعليمية في ولايات المملكة المتحدة الأربع, بالصفات العامة المشتركة التالية: ( العنزي, 2012م, استرجعت من موقع: http://www.dr-saud-a.com ).
         ‌أ-         يوجَّه التعليم في الولاية بواسطة: "الحكومة المركزية, والسلطات المحلية", اللتان تعملان جنبًا إلى جنب.
       ‌ب-       تعمل كل من "السلطات العامة, والمنظمات التطوعيَّة" جنبًا إلى جنب لدعم التعليم
        ‌ج-       التعليم في الدولة متوفر للجميع بغض النظر عن الجنس, واللون, والطبقة الاجتماعية, والدين.
         ‌د-         محاولة توفير كافة الفرص المتساوية والمتنوعة في تعليم الأطفال.
         ‌ه-           تقع مسؤولية التنظيم في المدرسة, واستخدام طرق التدريس بالدرجة الأولى على المدرسين لا على موجِّهي المدرسة أو الممثلين الآخرين للحكومة المركزية.
         ‌و-          تتعاون مع المدرسة العديد من وكالات التعليم الأخرى مثل المكتبات العامة, والمتاحف, وصالات العرض، وهيئات الاتصال التعليمي في الشركات الكبرى، كما تمدها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بخدمات إذاعية وتلفازية منتظمة، وكذلك تمدها هيئة الإذاعة المستقلة (IBA) بدروس تلفازية.
   
   وفي المملكة المتحدة أكثر من (1000) مركز إسلامي في العديد من المدن, بعضها يهتم بمسجد معين, وبعضها يُركز نشاطه على المطبوعات والنشر, وبعضها يهتم بالتعليم, والبعض الآخر يهتم بالنواحي الإعلامية, وتقوم المراكز الإسلامية بالتعليم الإسلامي لأبناء المسلمين من خلال عدة مدارس أو فصول مُلحقة بالمساجد في مختلف أنحاء المملكة المتحدة, وذلك في دروس أسبوعية, بلغات مختلفة حسب القوميات التي تُشكل الجالية بالمملكة المتحدة, ويُعد عدم اعتراف المملكة المتحدة بالأقلية المسلمة سبباً مقلقاً لأبناء المسلمين, ذلك أنهم يتلقون دروسهم في ظروف تُملى عليهم تعلم التقاليد المسيحية, ولقد عُقد في "برادفورد" مؤتمراً للتعليم الإسلامي في سنة (1398 هـ - 1978 م), حضره أكثر من (200) مندوب ومراقب وعدد من الشخصيات البريطانية والإسلامية, وناقش المؤتمر غياب التعليم الإسلامي في المدارس الحكومية, كما قرر وضع منهج موحد للتعليم الإسلامي, وتقرر إقامة مدارس في لندن, وبرمنجهام, وبرادفورد, وإقامة مجلس تربوي إسلامي واتُخذ بهذا الصدد عشر توصيات تدور كلها حول تعليم الدين الإسلامي, وبقي تنفيذ هذه القرارات.
 
   ونتيجةً لهذا الوضع الذي تعيشه الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة, تتزايد الحاجة الماسّة إلى المرافق المهيأة والبرامج المدروسة للحفاظ على هويّتهم, والارتباط الوثيق بجذورهم, وتعزيز ثقتهم بأنفسهم, وتبصيرهم بكيفية وأساليب التغيير العملي المثمر, لتحقيق مستوى أسمى إيمانيّاً وسلوكيّاً وماديّاً بما يفيض بالخير عليهم وعلى بيئتهم الجديدة. ( سعيد, 2012م, استرجعت من موقع: http://www.assakina.com ).
   
  ويوجد في المملكة المتحدة أكثر من مؤسسة تجمع العمل الإسلامي وتنسق بينه، فهناك المجلس الإسلامي البريطاني، الذي يضم في عضويته أكثر من (400) مؤسسة, ومركز إسلامي, وجمعية، ويشكل مظلة للمراكز الإسلامية، ويدافع عن حقوق الجالية المسلمة أمام السلطات البريطانية أو المؤسسات الأخرى، كما أن هناك مجلس المساجد على مستوى بريطانيا، والذي يقوم بعمل اجتماعات دورية للمسئولين عن هذه المراكز والمساجد لتدارس شؤونها ومشاكلها، ولعل أهم هذه المراكز: (المركز الإسلامي, ودار الرعاية الإسلامية,والمركز الثقافي الإسلامي, والمنتدى الإسلامي, ومركز "مايفير" الإسلامي), ويتكون الهيكل العام للمراكز الإسلامية من عدة أقسام, هي: "قسم الشؤون الدينية, قسم الشؤون الاجتماعية, قسم إدارة المناسبات, قسم المكتبة, القسم التربوي, القسم الإعلامي, وقسم شؤون الشباب", مع الاختلاف فيما بينها من حيث المساحة, وجودة الخدمة, وحجم المستفيدين منها,وتُمول هذه المراكز من جميع سفراء الدول الإسلامية, حيث يتعاونون على تغطية تكاليف ونفقات تلك المراكز, بالإضافة للتبرعات والهبات من أبناء الأقليات المسلمة الموجودة هناك. (الكرمي,2011م, استرجعت من موقع: http://www.islamweb.net ).
 
   وتعمل هذه المراكز على تحقيق جملة من الأهداف من أهمها: ( مجلة البحوث الإسلامية,2000م,ص29-38).
1.     توفير المكان والجو الملائمين ليؤدي فيهما المسلمون العبادات المختلفة, وبخاصة الصلوات الخمس وصلاة الجُمعة والتراويح والأعياد وغيرها.
2.     الدعوة إلى الإسلام في أوساط الجالية الإسلامية في بريطانيا, وتعميق صلة الجالية
بدينها وتراثها وتاريخها.
3.     الدعوة في أوساط غير المسلمين، والإجابة عن تساؤلاتهم واستفساراتهم حول الإسلام والأحكام الإسلامية المختلفة.
4.     العناية بأبناء المسلمين, وتوفير المحضن الصالح لهم، وتعليمهم القرآن الكريم, واللغة العربية, وأخلاق وآداب الإسلام.
5.     خدمة الجالية الإسلامية في حقل العمل الاجتماعي عن طريق تقديم النصح والمشورة في المشاكل الاجتماعية التي يواجهها المسلمون في المجتمع الذي يعيشون فيه.
6.     القيام بأنشطة ثقافية مختلفة تهم الجالية الإسلامية في مجالات دينية وفكرية وحضارية.
7.     توفير الكُتب والمراجع الإسلامية باللغتين العربية والإنجليزية وتوزيعها مجاناً، وإنشاء مكتبة عمومية إسلامية تحتوي على أمهات الكتب ليستفيد منها المهتمون والباحثون.
8.     مد جسور التعاون مع المراكز الإسلامية الأخرى لخدمة الجالية الإسلامية والمطالبة بحقوقها في المجتمع البريطاني.
9.     إقامة الدورات العلمية والشرعية المختلفة للراغبين في مجال اللغة العربية والعلوم الشرعية.
10.                       توفير جو إسلامي تآلفي بين أعضاء الجالية عن طرق عمل الإفطار الجماعي, واستضافة الحفلات الإسلامية في الزواج أو العقيقة ونحوها.
 
المبحث الرابع: الصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة
   
    تواجه الأقلية المسلمة والمراكز الإسلامية في المملكة المتحدة العديد من المشكلات والصعوبات التي تحد من نشاطها وعملها على الوجه المطلوب, منها ما يلي:
1-   مشكلة عدم الاستقرار, فالكثير متردد بين الوطن الجديد والوطن الأم بالرغم من أن الكثير منهم له في بريطانيا أكثر من عشر سنوات.
2-   التشتت وعدم وحدة الصف: فالسمة الغالبة عليهم هي الفرقة وغياب الصوت الواحد في كثير من القضايا حتى في المناسبات الدينية منها مثل الاختلاف في صوم رمضان وعيد الفطر وما شابه ذلك.
3-   يواجه المسلمون مشكلات كثيرة في مجالات الأسرة والزواج والطلاق والميراث نظراً لعدم وجود قانون للأحوال الشخصية, ويعانون كذلك من عدم وجود مقابر منفصلة خاصة بهم، بل يُخصص لهم جانب في المقابر العامة, لذلك يقوم المسلمون بشراء أرض لجعلها مقابر لموتاهم, وبعضهم يُفضلون إرسال موتاهم إلى بلادهم.
4-  من المعوقات التي تواجه المسلمين والدعوة الإسلامية في هذه البلاد انتشار فرقة "الأحمدية القاديانية" وقوة دعوتها التي يظنها كثير من المسلمين وغير المسلمين أنها تمثل الإسلام الصحيح, ويقعون في حبائلهم, وتتمثل قوة هذه الفرقة الضالة في هذه البلاد من خلال مساجدهم الكبيرة ذات الإمكانات الهائلة التي تجذب إليها الناس، ومن خلال قناتهم الفضائية التي يبثون من خلالها برامجهم على الهواء بعدة لغات عالمية من محطة إرسال تُسمى "التلفزيون المسلم الأحمدي" على مدى ثلاث ساعات يومياً عبر أربعة أقمار صناعية، وهذه البرامج تُسبب أضرارا بالغة لتعاليم الإسلام الحقيقية والدعوة الإسلامية.
5-   مشكلة الحفاظ على اللغة العربية للأجيال القادمة والخوف عليها من الانصهار, ومشكلة التعليم والتمييز العنصري الديني.
6-   ضعف التصور الاعتقادي وضآلة الفقه في الدين, وعدم وجود مرجعية إسلامية يلجأ إليها المسلمون هناك في الملمات والأزمات مما يدفعهم إلى الاجتهادات الفردية التي ينقصها التمحيص العلمي والمعرفة بأصول الاستدلال وقواعد الاستنباط.
7-   تُشكل المناهج الدراسية والتربوية التي يتلقفها أبناء المهاجرين المسلمين في الغرب جوهر المشكلة التربوية والتعليمية، فعندما يستوي الطفل أو الشاب المسلم مع غير المسلم في تلقي المنهج الدراسي الغربي المُختلط المبني على ركائز علمانية وأسس لا دينية، فإن الطفل المسلم لا يستطيع الانفكاك من أثره العميق في نفسه وروحه، كما أن ثقافته الدينية والتربوية لا يمكن إلا أن تنحو المنحى الذي يتوافق مع المنهج الدراسي المُتبع. ( عزوزي,2008م, ص5-6 ).
8-   كثير من أبناء الجالية الإسلامية لا يتابعون دراستهم بعد المرحلة الإلزامية، ويتوجهون إلى معاهد التدريب المهني أو التعليم الفني، ولا يلتحق بالتعليم العالي إلا قلة لا تزيد عن 5-20% في أحسن الأحوال.
9-  شيوع التمييز العنصري في الأوساط التعليمية الغربية من خلال اعتبار أبناء المهاجرين أجانب لا يستوون مع أبناء البلد المضيف، مما يُفرز نوعا من الإحباط وخيبة الأمل المفضي إلى الفشل في الدراسة.
10-   انشغال الأبويين عن متابعة أبنائهم بسبب كسب الرزق .
11-   زواج بعض المسلمين من نساء غير مسلمات وهذا له أثره  الكبير على الأطفال من جميع النواحي.
12-  مشكلة التعليم تسببت في مشكلات أخرى أهمها الفقر والبطالة وغياب العنصر المسلم من الوظائف القيادية والمناصب الكبيرة في الدولة, ويعيش كثير من المسلمين في أفقر أحياء البلد, مما ساهم في ارتفاع مستوى الجريمة حيث بلغ عدد السجناء المسلمين في السجون البريطانية أكثر من ستة آلاف شخص.
13-  التحديات التي تواجه المراكز الإسلامية ومنها: ( لقاء مع مدير دار الرعاية الإسلامي في لندن, استرجعت من موقع: http://www.islamweb.net ).
أ‌-     بعض المراكز ما زال يتخبط في أدائه وكأنها تعيش في الشرق, والبعض الآخر يُقلد أو يتنافس مع منظمات ومراكز إسلامية أخرى.
ب‌-  عدم قدرة المراكز على استيعاب الأعداد الكبيرة لأبناء المسلمين.
ت‌-    وجود صعوبات في توفير أماكن  مناسبة للتدريس.
ث‌-   تفتقر هذه المراكز إلى البرامج العلمية المنهجية المناسبة للأطفال  الذين يعيشون في تلك البلاد.
ج‌-   تفتقر  بعض هذه المراكز إلى المعلم المهيأ -علمياً وفنياً -لممارسة التدريس مع أطفال وُلدوا وترعرعوا في الغرب.
ح‌-    قلة الدعم المالي الذي يحول بين المراكز والخطط المرسومة لها.
خ‌-    كثير من أبنية تلك المراكز يحتاج للصيانة والتجديد المُستمر.
د‌-   صعوبة إنشاء المدارس الإسلامية وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ذ‌-  وقوع بعض المراكز الإسلامية تحت سيطرة بعض الدول وتوجيهها توجيهات سياسية, وطائفية مقابل مساعدات تقدمها لهذه المراكز.
ر‌-  وقوع بعض المراكز الإسلامية تحت سيطرة بعض ذوي الأفكار والميول الخاصة مما أدى إلى ابتعاد المسلمين المقيمين في الخارج عن هذه المراكز.
ز‌- سيطرة بعض الهيئات والمنظمات المعادية للإسلام على بعض هذه المراكز, ومحاولة تشويه صورة الإسلام عن طريق نشر بعض الأفكار الشاذة التي لا تتفق مع تعاليم الإسلام الصحيحة.
س‌-    المناهج الإسلامية تُوضع من غير المسلمين أحيانا , وكذلك قد يُدرسها غير المسلمين نتيجةً للنقص الكبير في المدرسين المسلمين الأكفاء.
 
المبحث الخامس: الحلول المناسبة للتغلب على الصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة
إن الوعي بالمشكلات الحقيقية والصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة, ووضعها في إطارها الصحيح, ومراعاة الأولويات في هذا الصدد هو البداية الصحيحة في سبيل البحث عن حلول لهذه المشكلات, ومن الحلول المناسبة للتغلب على تلك الصعوبات ما يلي: ( محمود  ودرويش,2010م,ص306-312 ) ؛ ( بامحسون,1430هـ,ص24-26 ).
‌أ-   أن تكون قضية الأقليات المسلمة في الغرب عموماً وفي المملكة المتحدة خصوصاً ضمن الأولويات عند المباحثات بين الجانب الإسلامي والجانب الغربي, مثل ما يفعل الغرب ذلك, ويضع الاهتمام بالأقليات المسيحية في العالم الإسلامي في رأس قائمة موضوعاته عند تلك المباحثات.
‌ب-   رأب الصدع في القطيعة الموجودة لدى كثير من المسلمين بالغرب في الفصل بين العقيدة والسلوك، والقول والفعل في حياتهم العامة بالغرب، والعمل ليكونوا قدوةً لهذه المجتمعات.
‌ج-  ضرورة فهم المجتمع البريطاني وطبيعته ومنطلقاته, ووجوه الاتفاق والاختلاف معه حتى يتسني تحقيق سُبل  التعامل الفعال معه, وذلك من خلال وضع البرامج الخاصة بالدراسة ونظامها, على أن تستهدف هذه البرامج توافر سُبل تفاعل صحي إيجابي بين الدارسين المسلمين وبين المجتمع البريطاني الذين أصبحوا جزءًا منه, فلا مخاصمة له, وإنما دراسة لتاريخه وثقافته ومشكلاته ونظمه, بالإضافة إلى عدد كبير من المقررات التي تفقه الدارسين في الدين الإسلامي.
‌د-  الحرص الشديد على تحسين الصورة المشوهة للإسلام في أذهان البريطانيين, وذلك بالأسلوب العلمي من خلال حث الحكومة البريطانية على تنقية مناهجهم من المعلومات المغلوطة عن الإسلام والمسلمين, مع عمل دورات للمدرسين الذين يقومون بتدريس تلك المناهج, وعرض المعلومات الصحيحة عليهم, والخروج من هذه الدورات بتوصيات من أولئك المدرسين موجهة إلى دُور النشر التي تقوم بنشر الكتب المقررة بحذف هذه المعلومات المغلوطة, واستبدالها بالمعلومات الصحيحة.
‌هـ- الاستعانة بالمراكز الإسلامية الموجودة في المملكة المتحدة, لتتبع أحوال المسلمين, وتقدير أعدادهم الحقيقية في المملكة المتحدة.
‌و-  إعداد فريق متكامل من الأئمة والدعاة والمعلمين والإداريين, لسد حاجة المراكز الإسلامية في المملكة المتحدة, وذلك لأن من أخطر ما يواجهه الإسلام في  مثل تلك البلاد أن يتصدى للدعوة والإمامة بها بعض من يقدمون الإسلام ويعرضونه بصورة مُشوهة تسئ إليه وإلى المسلمين.
‌ز-  فتح فروع للجامعات الإسلامية في المملكة المتحدة, كفرع لجامعة الأزهر, وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, والجامعة الإسلامية؛ لتعليم أبناء الجاليات المسلمة في بريطانيا.
‌ح- تقديم منح دراسية لأبناء الأقليات المسلمة في بريطانيا من الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي؛ ليقوموا بالتوجيه والتعليم إذا رجعوا إلى أوطانهم.
‌ط- العناية بتدريس اللغة العربية والقرآن الكريم لأبناء الأقلية المسلمة في بريطانيا, منذ الطفولة واستثمار التقنيات المتقدمة في مجال تعليم اللغات للمحافظة على هويتهم الإسلامية.
‌ي-  ضرورة العمل المدروس والمنظم والمخطط له وفق خطة زمنية تُسهم في رفع مستوى الأقلية المسلمة في بريطانيا تعليمياً واجتماعياً واقتصادياً, من خلال مؤسسات متخصصة قادرة على استيعاب مشكلات هذه الأقليات المسلمة.
‌ك-  تمحيص المناهج التي تُقدم للأقليات المسلمة في المملكة المتحدة,وإجراء التعديلات المناسبة عليها.
‌ل- التوسع في إنشاء المدارس الإسلامية لمختلف المراحل الدراسية لأبناء الأقليات المسلمة في بريطانيا, على أن تعترف الحكومة البريطانية بها وبالشهادات التي تمنحها, ليُقبل خريجو هذه المدارس في كلياتها وجامعاتها, وهذا يُحتم تدريس المنهج البريطاني المحلي بجانب المنهج الإسلامي المعتدل.
‌م-   إتاحة الفرصة للراغبين من أبناء الأقلية المسلمة في بريطانيا لمواصلة دراساتهم الإسلامية في الجامعات الإسلامية والمعاهد في دول العالم الإسلامي عن طريق المِنح الدراسية, لتكوين كوادر علمية وتربوية تستطيع أن تقوم بدور فعال في تربية أبناء المسلمين التربية الصحيحة دينياً ودنيوياً.
‌ن-    إعداد مناهج دراسية إسلامية تناسب أبناء الأقلية المسلمة في بريطانيا, وتراعي خصوصيتهم, مع استخدام أحدث التقنيات والوسائل التربوية الحديثة في تعليم الأقليات المسلمة.
‌س-   ضرورة مراعاة الحالة النفسية التي يعيشها طلاب وطالبات المرحلة المتوسطة والثانوية في سن المراهقة عند إعداد المناهج, وذلك بأن تتضمن جرعات تحصينية تحميهم من الزلل والسقوط في براثن الانجراف وراء المغريات كالانحلال, والجنس, والمخدرات, والتيارات الفكرية التي تجعلهم ينخرطون في تنظيمات مُتطرفة, إلى غير ذلك من المفاسد التي تبعدهم عن المنهج الإسلامي.
 
أهم النتائج التي تم التوصل إليها
 
من خلال العرض السابق كشفت الدراسة الحالية عن النتائج الآتية:
1- المملكة المتحدة تتألف من أربعة أقاليم رئيسية, لكل منها استقلاله التشريعي, هي: "انجلترا, وويلز, واسكتلندا,وإيرلندا الشمالية"
2- الدين الإسلامي يُعد ثاني أكبر ديانة في المملكة المتحدة, إذ يصل عدد المسلمين إلى أكثر من "مليونيْ" شخص, أي 3.3 % من إجمالي عدد السكان.
3- يواجه المسلمون مشكلات كثيرة في مجالات الأسرة والزواج والطلاق والميراث نظراً لعدم وجود قانون للأحوال الشخصية, ويعانون كذلك من عدم وجود مقابر منفصلة خاصة بهم.
4- التعليم في المملكة المتحدة تعليم إلزامي ومجاني حتى سن السادسة عشرة, بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الطبقة الاجتماعية أو الدين أو الانتماء السياسي.
5- المراكز الإسلامية في المملكة المتحدة متعددة ومتنوعة, يصل عددها إلى أكثر من "1000" مركز إسلامي.
6- أغلب المراكز الإسلامية تُقدم التعليم لأبناء المسلمين في نهاية الأسبوع أي يوميْ السبت والأحد", أو في الفترة المسائية.
7- أهم المراكز الإسلامية في لندن: ( المركز الإسلامي, دار الرعاية الإسلامية, المركز الثقافي, المنتدى الإسلامي, مركز "مايفير" الإسلامي ).
8- بعض المراكز الإسلامية تقوم بتدريس المنهج الثنائي, أي أنها تقدم منهج الدولة البريطانية المحلي, بالإضافة لمنهج العلوم الإسلامية واللغة العربية.
9- بعض المراكز الإسلامية تُقدم التعليم العام بكل مستوياته: "حضانة, ابتدائي, ثانوي".
10- تمويل المراكز الإسلامية غالباً يكون عن طريق التبرعات أو الهبات أو المساعدات من قبل بعض الحكومات الإسلامية, وقليل منها الذي يكون دعمه ذاتياً كالمنتدى الإسلامي.
11- الطلبة العرب والمسلمين والجاليات الإسلامية لهم دور عظيم في بناء ونجاح هذه المراكز.
12- بعض المراكز تقوم بطبع الكتب والمجلات الإسلامية, وتُقدم المساعدات المالية والعينية.
13-  بعض المراكز يقوم بطبع لمعاني القرآن الكريم باللغة الانجليزية وتوزيعها على المسلمين وغيرهم.
14- تُعد الموارد المالية من أهم احتياجات المراكز المادية, حتى تتمكن من تنفيذ خططها وبرامجها.
15- تحتاج المراكز إلى تأسيس وقف لتأمين مصدر ثابت للدخل لتغطية تكلفة الخدمات التي يقدمها.
16- كثير من المراكز يحتاج إلى إعادة بناء أو ترميم أو صيانة.
17- إن الوعي بالمشكلات الحقيقية والصعوبات التي تواجه تعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة, ووضعها في إطارها الصحيح, ومراعاة الأولويات في هذا الصدد هو البداية الصحيحة في سبيل البحث عن حلول لهذه المشكلات, مع ضرورة تضافر الجهود وتعاون الجميع في  تطبيق تلك الحلول.
 

أهم التوصيات والمقترحات
 
على ضوء ما أسفرت عنه الدراسة من نتائج, فإنَّ الباحثَ يوصي بما يأتي:
1-               ضرورة العمل المدروس والمنظم والمخطط له وفق خطة زمنية تُسهم في رفع مستوى الأقلية المسلمة في بريطانيا تعليمياً واجتماعياً واقتصادياً, من خلال مؤسسات متخصصة قادرة على استيعاب مشكلات هذه الأقليات المسلمة.
2-               فتح فروع للجامعات الإسلامية في المملكة المتحدة, كفرع لجامعة الأزهر, وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, والجامعة الإسلامية؛ لتعليم أبناء الجاليات المسلمة في بريطانيا.
3-               تقديم منح دراسية لأبناء الأقليات المسلمة في بريطانيا من الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي؛ ليقوموا بالتوجيه والتعليم إذا رجعوا إلى أوطانهم.
4-               إعداد مناهج دراسية إسلامية تناسب أبناء الأقلية المسلمة في بريطانيا, وتراعي خصوصيتهم, مع استخدام أحدث التقنيات والوسائل التربوية الحديثة في تعليم الأقليات المسلمة.
5-               يقترح الباحث إجراء دراسات جديدة للكشف عن أوضاع الأقليات المسلمة في جميع دُول العالم, ودراسات للوقوف على حال المدارس الحكومية الإسلامية في المملكة المتحدة, مثل: أكاديمية الملك فهد التعليمية.
 
هذا ما يسر الله جمعه في هذا البحث المُتعلق بتعليم الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة, أسأل الله أن ينفع بهذا الجهد المتواضع , وجزي الله سعادة الدكتور: عيد الجهني خيراً حيث وجهنا للبحث وجمع المعلومات من خلال هذا الواجب, وفق الله الجميع لكل خير.
 
المصادر والمراجع
-  القرآن الكريم.
- بامحسون, عمر عبدالله,1430هـ, التعليم وأهميته للأقليات المسلمة, ندوة فقه الأقليات في ضوء المقاصد الشرعية, رابطة العالم الإسلامي, الجامعة العالمية الإسلامية في ماليزيا.
- البشارى, محمد,2000م, الأقليات الإسلامية في أوربا, مجلة الكويت, العدد31, رابطة الجامعات الإسلامية, القاهرة.
-  بكر, سيد عبد المجيد, الأقليات المسلمة في أوروبا, (د.ت).
- خياط, محمد جميل, التعليم الإسلامي في أوربا ومشكلاته وطرق معالجتها, المؤتمر العالمي السادس للندوة العالمية للشباب الإسلامي, بعنوان: الأقليات المسلمة في العالم ظروفها المعاصرة آلامها وآمالها, المجلد3, المنعقد في الرياض في الفترة من 12-17 جمادى الأول, 1406, ص43-49.
- الزمخشري, أبو القاسم محمد بن عمر, الفائق في غريب الحديث, دار المعرفة, تونس, (د.ت), ج3.
- السديري, توفيق عبدالعزيز, أوضاع المسلمين في أوربا, العدد13661, 18 شوال, 1426هـ, جريدة الرياض, الرياض.
- السعدي, محمود صدقي ،2011م,المسلمون في أوروبا والتحديات المعاصرة، استرجعت بتاريخ12/6/1434هـ, من موقع http:www.bab.com.
- سعيد, محمد, 2012م, المسلمون في بريطانيا,استرجعت بتاريخ 15/6/1434هـ, من موقع: http://www.assakina.com.
- الأسمري, أحمد رجب, 1997م, فلسفة التربية في الإسلام انتماء وارتقاء, دار الفرقان, عمان.
- أبو عبيد, القاسم بن سلام, (د.ت), الغريب المصنف, دار سحنون, تونس, ج42, ص92.
- عزوزي, حسن ،2008م,  مقال بعنوان: "متغيرات وتحديات أمام الواقع الثقافي للمسلمين في الغرب"، مجلة الوعي الإسلامي، العدد 511.
- العسكري, سليمان إبراهيم, 2005م,صورتنا في الغرب مسؤولية من؟, مجلة العربي, وزارة الإعلام, الكويت, العدد 554.
- عطية, جمال الدين, 2007م, نحو فقه للأقليات, دار السلام, القاهرة.
- علي, سعيد إسماعيل, دور المؤسسات التعليمية في رفع المستوى الثقافي للأقلية المسلمة, المؤتمر العالمي السادس للندوة العالمية للشباب الإسلامي, المجلد3, المنعقد في الرياض في الفترة من 12-17 جمادى الأول, 1406هـ, ص28-39.
- العنزي, سعود بن عيد, 2012م, سياسة التعليم في المملكة المتحدة,استرجعت بتاريخ 14/6/1434هـ, من موقع: http://www.dr-saud-a.com  .
- الكرمي, حافظ, 2011م, لقاء مع مدير مركز "مايفير" القطري, استرجعت بتاريخ 13/6/1434هـ من موقع:  http://www.islamweb.net.
- لقاء مع مدير دار الرعاية الإسلامي في لندن, استرجعت بتاريخ 14/6/1434هـ, من موقع: http://www.islamweb.net.
- مبروك, رمضان محمد علي, 2003م, مشكلات الأقليات المسلمة في غرب أوربا: الأسباب والحلول, رسالة دكتوراه غير منشورة, كلية الدعوة الإسلامية, جامعة الأزهر الشريف.
- محمود, باسنت فتحي؛ درويش, محمد, 2010م, تعليم أبناء الأقلية المسلمة في بريطانيا, دراسة تحليلية, مجلة مستقبل التربية العربية, المركز العربى للتعليم والتنمية.
- محمدين, محمد محمود, دراسة إحصائية عن الأقليات الإسلامية في العالم, مؤتمر الأقليات المسلمة في العالم ظروفها المعاصرة, آلامها وآمالها, المجلد الثالث, المؤتمر السادس للندوة العالمية للشباب الإسلامي, الرياض, المنعقد في الفترة من 22-27, 1986, ص90.
- الموسوعة الحرة,  http://ar.wikipedia.org, 200, الوجود الإسلامي في بريطانيا, استرجعت بتاريخ 12/6/1434هـ.
- ابن منظور, محمد بن مكرم, (د.ت), لسان العرب, ط1, دار صادر, بيروت.
-  النيسابوري, مسلم بن الحجاج, صحيح مسلم, 2004م, ط1,دار الكتاب العربي, بيروت
- وزارة التربية في المملكة المتحدة, 2012م, سياسة التعليم في المملكة المتحدة, استرجعت بتاريخ 14/6/1434هـ, من موقع:http://www.education.gov.uk .